الأحد، 6 يونيو 2010

هكذا بتغير العالم محمد سيف الدوله

محمد سيف الدولة




Seif_eldawla@hotmail.com







طرأت حالة تغير كبيرة على معنوياتنا ومواقفنا جميعا بعد الأحداث الأخيرة .



انقلبنا من حالة الإحباط واليأس إلى الأمل والحماس والتسابق على المشاركة في الأسطول التالي .



انقلبنا من النقيض إلى النقيض في لحظة واحدة .



وهى اللحظة التي تلقينا فيها نبأ العدوان الصهيوني على أسطول الحرية وسقوط شهداء وجرحى .



* * *



قبل الأحداث ، كاد الكثيرون أن يفقدوا الأمل في فك الحصار على غزة وفى انفراج الأزمة .



فمنذ فُرِضَ الحصار، لم تكف القوى الوطنية عن الضغط على الإدارة المصرية : فشكلت اللجان ، وأطلقت القوافل ، ونظمت الوقفات السلمية والتظاهرات الجماهيرية ، ورفعت القضايا وحصلت على أحكام قضائية ضد الحكومة .



ولكن رغم كل ذلك وغيره ، لم يحدث أي جديد : فلقد أحكم الصهاينة الحصار . وتمادى النظام المصري ، فأنشأ الجدار الفولاذي ، ورفض استقبال قافلة جورج جالوى البرية ، وزج بأنصار فلسطين في السجون والمعتقلات ، ولفق لهم التهم .



وأعطت باقي الأنظمة العربية ظهرها للموضوع .



وأصاب المواطن العادي الملل من متابعة هذا المسألة بلا جدوى .



وانشغلت القوى السياسية بملفات أخرى .



وكادت غزة أن تدخل في بحر النسيان .



وظهر الأمر وكأن الحصار سيدوم إلى الأبد ، وأنه لا أمل .



* * *



و فجأة يقرر بضعة أشخاص من شتى بقاع الأرض ، أن يقتحموا الحصار ويواجهون الصهاينة .



قرروا ذلك وهم عُزَل من أي سلاح سوى مبادئهم و عقائدهم ، وغضبهم ضد الظلم ، وشجاعتهم البالغة .



فتقدموا الصفوف ، لم يستأذنوا أحدا ، لم يستجدوا حقوقهم ، لم يحسبوا العواقب .



فنجحوا فى تحقيق إنجازا لم تحققه مئات الحركات والمبادرات السابقة الحذرة المحتاطة ، المرنة ، المُسايِسة .



و نجحوا فى فضح الأشرار الصهاينة أمام العالم أجمع .



و فى إرغام الإدارة المصرية على فتح المعبر ولو الى حين .



وقدموا دمائهم الشريفة الطاهرة ثمنا لذلك .



ولكن الأهم من كل ذلك ، نجاحهم في إطلاق القوة الكامنة العميقة داخل الشعوب .



ففي لحظة ، استيقظ الجميع ، وقرروا مواصلة الاشتباك مع العدو .



* * *



ليست هذه هى المرة الأولى ولن تكون الأخيرة .



حدث ذلك من قبل مع الحرب على غزة ، ومع حرب لبنان وانتفاضة الأقصى والعمليات الاستشهادية وانتفاضة الحجارة وغيرها الكثير .



و لازلنا جميعا نتذكر مشهد محمد الدرة ، وكيف فجر حينها غضبة شعبية هائلة على امتداد الوطن العربي والعالم ، إمتدت آثارها لسنوات تالية .



* * *



· إن هذه الطاقة الكامنة داخل كل الشعوب ، تمثل قوة حقيقية موجودة وقائمة ولكنها غير مرئية ، لا يراها المعتدون والظالمون ، و لا ترصدها أجهزتهم الأمنية والاستخبارية ، وان فعلت ، فهي لا تتمكن من حسابها وقياسها وتقدير حجمها ودرجة خطورتها .



· وهى قوة مصدرها ، الشعور المتراكم بالظلم والقهر على أيدي الأعداء الخارجيين والداخليين .



· و يغذيها ويبلورها ، العمل الدءوب طويل النفس ، من قبل النخبة والدعاة من القوى الوطنية والسياسية على امتداد عقود طويلة .



· ولكنها مع ذلك تظل كامنة .



· فإن نجحنا فى إخراجها وتفجيرها ، فإننا لا يمكن أن ننهزم أبدا .



· وهى لا تظهر إلا فى الأزمات الكبرى .



· أو كرد فعل على الاعتداءات بالغة القسوة والإجرام اللامتناهى .



· أو تأثرا بالبطولات بالغة الشجاعة .



· كما إنها لا تدوم إلا بمواصلة الفداء والتضحية والاستشهاد .



* * *



القاهرة فى 3 يونيو 2010





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق